مميز : رغيف خبز ....||~

أخيراً , استطاع هو و عائلته إيجاد بيتٍ ليمكثوا فيه , بعد أن أمضى الأشهر الستة الماضية متنقلاً من بيتٍ إلى آخر ,

مروراً بعدةِ مدارس , فقد كان لرحلة النزوح شروطٌ أهمها أنها تأتي على غفلة , و ليس بالإمكان الاستعداد لها أبداً

و من شروطها أيضاً أن عليك سلوك أطول الطرق على الإطلاق لتتجنب الحواجز قدر الإمكان , فقد صارت تعتقل

دون مبررات .

فور سماعه أن تلك المنطقة هادئة و آمنة نسبياً , توجه إلى هناك باحثاً عن بيت للإيجار يجب أن يكفي لخمس عائلاتٍ

كاملة ..... تباً .

و وجدوا ذاك البيت , الذي قد حقق الشروط اللازمة للبيت الآمن : طابق أرضي , محاط بالأبنية من ثلاث جهات ,

ضمن حارة ضيقة و صغيرة , و الأهم من ذلك ... الأهم على الإطلاق أنه قريبٌ من المخبز , فقد أصبح رغيف

الخبز هو الأهم و الأغلى على الإطلاق , أما من بعد مجزرة حلفايا , فقد أصبح للخبز طعم الدم ..

,

أذن الفجر , أو بالأصح .. حان وقت أذان الفجر , فليس بالإمكان رفع الأذان و قد قصفت مئذنة الجامع ..

عليه أن يسرع بالذهاب الآن إلى المخبز , يحركه الشوق لطعم الخبز الطري و الدافئ .. بعد أن ذاق سوء طعم خبز

الذرة و خبز الرز و خبز البرغل , و الأسوأ اللاخبز , فإن حالفه الحظ قد يرجع إلى بيته قبل الظهر .

و ذهب , و هناك لم يفاجئه الازدحام فقد كان شيئاً متوقعاً , و لكن كل من كان هناك نساء و أطفال .

بدأ يبحث عن نهاية الطابور ليقف هناك , لا بد أن عليه أن ينتظر أياماً , سيكون محظوظاً لو عاد لبيته

اليوم و ليس غداً

بدأ ضوء الفجر يشع شيئاً فشيئاً , نظر إليه الطفل الذي كان يقف أمامه في الطابور و قال :

" لماذا أنت هنا يا عمي ؟؟ عد إلى بيتك و دع ابنك يأتي هنا , "

فسأله مستغرباً : " لماذا ؟؟ "

فقال الفتى : " ألا تعرف يا عمي , الأمن قد يأتي في أي وقت و يعتقل كل الرجال هنا , فقد فعلوا ذلك

من قبل , و أيضاً

أبي عليه أن يعمل الآن , و هم أيضاً قد يقصفون هنا في أي وقت مثلما فعلوا بحلفايا , أنا إذا استشهدت يا عمي أمي

ستنجب أطفالاً غيري , أما إذا استشهد أبي أو اعتقل , فمن أين نأتي بأبٍ آخر لنا ؟؟ , لذا يا عمي عد إلى بيتك . "

نظر هكذا و الحيرة تملأ عينيه , و قال في نفسه :

" كيف يمكن لطفلٍ مثله عمره ثلاثة عشر فحسب أن يقول هكذا كلام , كما أنه يبدو خائفاً علي , أكثر من خوفه على نفسه

لماذا على أطفال سورية أن تكون حياتهم رخيصةً هكذا ... لماذا .. "

و قطع الفتى الصغير حبل أفكاره قائلاً :

" لا تحزن يا عمي , و لا تخف , أنا لست خائفاً من الموت , أنا أعرف أن الجنة أجمل , و روحي إشتاقت لترى الجنة ,

و أتمنى يا عمي أن أموت شهيداً , أصلاً أمي قالت لي أننا لا يجب أن نحزن على الشهداء , بل على أنفسنا لأننا لم

نستشهد , أعطني المال يا عمي , سأشتري لك الخبز ... "

فرد عليه قائلاً : لا يا صغيري , فلا يحق لكل شخص سوى كيلو خبز واحد فقط , سأشتري بنفسي و ليحدث ما يحدث

أنا أيضاً علمتني أمي أنه لا يمكننا تجنب الموت حتى لو كنا في أكثر الأماكن أماناً في العالم , و أنا أيضاً قد وعدت

أطفالي ألا أعود إلى البيت إلا و أنا أحمل خبزاً ... .

و هكذا على هذا الحال ... مضى الوقت و صار العصر , فنهار الشتاء قصير ... و بارد , و بات دوره قريباً بعد أن

انتظر طويلاً جداً , و في الأفق بينما كانت أشعة الشمس تتكسر على الغيوم الممزقة , بدأت طائرةٌ تحوم في الآفاق و

صوت رصاصٍ يسمع من بعيد ....

" تباً لماذا الآن "

حاول تجاهل كل ذلك , .. نظر خلفه في الطابور و رأى بضعة رجال عدا عن الشبان و الأطفال . أما دور النساء فبدأ

يتلاشى شيئاً فشيئاً مع اقتراب المغرب ,

" لا أصدق أنني انتظر منذ الفجر "

حصل الفتى الصغير على حصته و ذهب متجهاً إلى منزله , و حان دور صاحبنا أخيراً , لا يمكن وصف فرحته مع

اقتراب الخبز إليه , ..... بينما كان صوت الطائرة يعلو .... ناوله الخباز رغائف الخبز الدافئ , فأمسكهما بيديه

فتسرب إليهما الدفء بعد أن تجمدتا من الصقيع , ثم ... توقف الزمن للحظات .. تلاشت معها فرحةُ الخبز , صوت

الطائرة يتلاشى شيئاً فشيئاً ... و إحساسه بالخبز الدافئ .. أيضاً ... تلاشى .

,

كان الصوت القادم من ناحية المخبز هائلاً و مدوياً , ارتعدت معه أوصالها , و تذكرت في الحال أن أبنها ينتظر هناك

منذ الصبح , ارتدت ملابسها بسرعة , و خرجت إلى الشارع تمشي كالمجانين , و تسأل كل من تقابله :

أين الانفجار ؟؟

أين الانفجار ؟؟ ...

إلى أن أجابها أحدهم :

" نزلت قذيفة عند بناءٍ يقع بالقرب من المخبز , و يقولون أن هناك قذيفةً نزلت على المخبز أيضاً لكنها لم تنفجر ......"

,

أصاب صوت الانفجار أذنيه بالصمم , , لكن لم يكن شيئاً أمام المنظر الذي رأته عينيه , هناك تماماً , حيث الخبز بين

يديه , استقرت القذيفة لكنها لم تنفجر .... أم أنها فعلت ؟؟؟

بدا منظرها هناك مألوفاً و هي محاطة بأرغفة الخبز , لم يعد يشعر بقدميه فانحنى إلى الأرض و وقف على ركبتيه

بينما كان الجميع يصرخ مبتعداً عنه ... و طالباً منه ألا يتحرك على الإطلاق , لكنه لم يكن يدرك ما يحدث ,

ثم وصل المسعفون و الناشطون و العسكريون , و حمل أحدهم القذيفة كما يحمل الطفل الوليد , عدا أنها قد تنفجر في أي

لحظة , كان من حسن حظه أن السلاح الروسي سيئ النوعية ,

و مع ابتعاد الخطر عنه , أحس بالأمان شيئاً فشيئاً , كان الخبز قد تفتت و سحق في المكان حيث نزلت القذيفة , أو

الصاروخ أو ... لا تهم الأسماء , قام بنفض الرماد عن الخبز .... و بدأ شيئاً فشيئاً يستوعب ما حدث حوله , كانت قذيفةٌ

قد انفجرت بالفعل و لكن في البناء المجاور , شهداء , جرحى , و دماء .....

و كانت أم الفتى الصغير تبحث عنه بلهفة ,,, هل كان من بين الشهداء يا ترى ؟؟ , لم يعرف ....

,

و رآه .... في اليوم التالي ... عند المخبز في وقت الفجر و هو مصابٌ بجروحٍ بسيطةٍ جداً و قال أنه كاد أن يستشهد

بالفعل , لكنه تذكر أنه لم يسأل صاحبنا عن اسمه , فعاد نحو المخبز .... في حين أن القذيفة التي انفجرت ,سقطت

تماماً في المكان الذي كان يقف فيه .


النهاية

---

التعديل الأخير تم بواسطة The power ; 05-07-2014 الساعة 07:40 AM

السلام عليكم

القصة مقتبسة عن قصة حقيقية

حيث نزلت قذيفة على أحد المخابز في ضواحي دمشق ,

و لكنها لم تنفجر ...

,

البنر :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيفك اختي υςhιħά ςαţ ؟

ان شاء الله بخير ولا تشتكي من باس

ماشاء الله وما خطته يداك

تأثرت بقراءة قصتك

حتى انني اعدتها مرتين

اسلوب السرد وطريقتك فيها كانت تشدني

اكثر لمعرفة ما سيحدث

العبارات التي استخدمتيها في الوصف رسمت لي

المشهد والوضع هناك في دمشق

صراحة اثرت فيني خاصة

صوت الطائرة يعلو
.
.
أين الانفجار ؟؟

أين الانفجار ؟؟ ...
.
.
لماذا على أطفال سورية أن تكون حياتهم رخيصةً هكذا

لا اتحمل رؤيتهم يعيشون بتلك الطريقة... مجرد ابرياء ...

بدات اتكلم على ان القصة حقيقية من اولها لاخرها

لا باس مادامت انها مقتبسة من الحقيقة

راقت لي النهاية

وهذا ما جعلتني اتأكد منه

يحبون الاستشهاد كما نحب نحن الحياة

شكرا مرة اخرى على الطرح القيم

تم الشكر+التقييم+5نجوم

في انتظار جديد قصصك المؤثرة

في امان الجبار

يثبت

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف حالك حبيبتى ؟!

"إن شاء الله تكونى بخير وعلى خير داايماً " ^^

ما شاء الله ثاانى موضوع لكِ فى هذا الإسبوع

أحسنتى فى إختيار العنوان ,, فقد جذبنى جداً إلى القصه !!

ومن ثم الطقم قمة فى الروعه والجمال ما شاء الله والآن نأتى للقصه ,, ما شاء الله ايش هذا

بالرغم من ان القصه ليست محزنه ,, او انه لم يتم فيها موت أحد أو ما شابه

لكنى كدت أبكى ,, قصه فى قمة الروعه ,, يتخللها الشعور بالألم والمعاناه

أعجبنى جداً كلام الطفل مع الرجل ,, بل كانت ثانى أفضل قطعه فى القصه

أنا إذا استشهدت يا عمي أمي ,, ستنجب أطفالاً غيري , أما إذا استشهد أبي أو اعتقل , فمن أين نأتي بأبٍ آخر لنا ؟؟

بالرغم من الشعور بالألم ,, وبالرغم من الشعور بالضعف ,, إلا أنه لم يخشى الموت

لا تحزن يا عمي , و لا تخف , أنا لست خائفاً من الموت , أنا أعرف أن الجنة أجمل , و روحي إشتاقت لترى الجنة ,
و أتمنى يا عمي أن أموت شهيداً , أصلاً أمي قالت لي أننا لا يجب أن نحزن على الشهداء , بل على أنفسنا لأننا لم نستشهد

ما هذا !! هذا بالتأكيد ليس تسليم للواقع ,, وليس ضعف أيضاً

هذا الطفل عرف فعلاً ما تكون الحياه ,, وعرف أيضاً كيف ستكون الجنه

تخيلها بالتأكيد ,, إشتاق لها ,, إستشعر حلاوة العيش فيها !!

ومن ثم !! أليس من حقه أن يتمناها ؟!
-----------------------
أما عن أفضل قطعه فى القصه ,, هى هذه الكلمات ::

لكنه تذكر أنه لم يسأل صاحبنا عن اسمه , فعاد نحو المخبز .... في حين أن القذيفة التي انفجرت ,سقطت تماماً في المكان الذي كان يقف فيه .

ياااااه ,, شعور راائع ,, لقد شعرت بالفرحه من أجل هذا الطفل ,, نعم ,, فالله قد كتب له حياه جديده

بالتأكيد ,, فمع ما رئيناه من تمنيه للجنه ,, وعدم خوفه من الموت

جازاه الله ,, وأعطاه حياه

وأيضاً بالتأكيد سيأتى اليوم الذى يعطيه فيه آمناً وسلام

اللهم فرج هم كل مسلم ,, وفك آثرهم ,, وجمع قوااهم ,, واهزمهم على الكفاار والطغياان !!

اللهم آآمين ,, جزيتى خيراً حبيبتى على كتابة مثل هذه القصه

بإنتظار المزيد من مواضيعك الجميله والمميزه

تم الشكر والتقيم ,, وخمس نجوم للموضوع الأكثر من راائع وهى قليله !!

دمتى بخير حبيبتى ,, فى آمان الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلا بالكاتبة المميزة كيف حالك ؟ إن شاء الله تمام و بأفضل حال !

شفت موضوعك من أمس وجذبني لكن تأخرت بالرد لليوم بسبب اني كنت متعبة قليلا

ما شاء الله لديك أسلوب خلاب في الكتابة الله يحفظك و يبارك لك

حقيقة القصة مؤثرة لدرجة البكاء، خاصة مقطع محادثة الطفل مع الرجل تأثرت به و بقوة

قصة قصيرة تحمل معاني عميقة جدًّا و تحكي واقع مُرّ نسأل الله أن يتقبل شهداء المسلمين

وينصرهم على من عاداهم : (

و صراحة مواضيعك من المواضيع التي لا يندم قارئها؛ لروعتها .

نسأل الله لك التوفيق و السداد أينما كنتِ.

في أمان الله و رعايته .

سلام الله عليكم

أشكرك أختي على القصة الجميلة

كلمات أليمة مطابقة لمعانى وواقع مرير في سوريا،

الأمر الجميل من الناحية الأدبية هي القصة بما حوته من أحداث،

وتصاعد رهيب يصل الذرة بالإنفجار وحصول كارثة جديدة،ربما صار عاديا أن يستباح الدم العربي من المستبد،

سياسة التجويع لفتت إنتباهي كونها،تشتت التفكير وتجعل الشخص لاهفا وراء قوت يومه،

كما يقال جوع كلبك يتبعك،قصة مأثرة حقا ومشاهد مأساوية،ولكن هناك الأمل الذي برز في الحوار،

أعجبني التفكير السديد للفتى وردوده القوية والحماسية،

حقيقة لدي قول أخير،لابن تيمة:لولاك ماظلموا.....

أعرف أن الجميع يفهم معناها ولكني صريح كثيرا عندما ترمى أشلاء المسلمين إلى العراء

ويتساؤل الحمقى من المجرم؟وتتوالى سلسلة الأسئلة الغبية يوميا..

كل من لم ينكر على الظالم مشارك في العدوان على المسلمين،

تبا لماذا الإستعانة بالكافر على أخيك المسلم؟؟؟؟؟

فمن المؤسف أن نرى كل المسلمين يقطعون في كل أقطار العالم.....وين رايحين؟ ستسألون عنهم؟

مع أننا ننتظر الدور فقط،

كما يقول المثل :أكلت يوم أكل الثور الأبيض.....

أتوقف هنا لأني سأدخل إلى السياسة بعد ذلك ولن يبقى أحد من حكام العرب إلا و أتيت على....

يظنون أن سكوتي معناه موافقة،بل هو إعراض عن الجاهلين...السجون تعرفنا....ونشتاق إليها....

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مشاهد تتكرر و شجاعة لا تقهر

ما عسايا أقول ؟ سوريا جرح ينزف

حقا أذهلني الطفل الصغير يدرك معنى الإستشهاد و لكن لا يدرك أن دماءه غالية على سوريا

الويل لكم يامن يقتل الأبرياء الويل لكم يامن يُسيل دمعة الأبرياء

القصة مؤثرة للغاية ...عشتها لدرجة أني لم أسمع ما كان يقول إخوتي

الأحداث تُسرد و تقودنا لذلك المكان رأسي يفيض بسؤال واحد

كيف يمكن أن ننهي هذا الأمر ؟

نعم ما يحدث في سوريا قد حدث أسوء منه في فلسطين في غزة

و قد صار هذا المشهد مألوفا في كثير من البلدان العربية

ما الحل ؟

علينا بالوحدة فما يحدث اليوم إلا لسبب

سوريا كانت يوما الوجه الصاد للصهاينة و ها هي الحقية "الصهاينة " تُحاول الإنتقام بشتى الطرق

لكن كيف يا ترى يتوقف كل هذا ؟

أثق أن الإجابة واحدة ولأن السبب واحد و الفاعل واحد و المفكر واحد




سلام أختي سلام

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

اهلا اختى الغالية كيف حالك؟ ان شاء الله بخير

قصة رائعة وجميلة تعبر عن ما تعيشة الاوطان ويحدث كل يوم

فى الاخوة فى كل مكان انسان يسعى خلف تأمين الحياة لعائلتة يخرج وقد لا يعود

هذا حال الانسان الان الحرب والدمار يسيطرون على كل مكان

سلمت الاناملـ اختى الغالية على القصة الرائعة والجميلة بقدر الحزن الذى تحملة

سلمت الانامل شكرا لكـ اختى الغالية

تنسيق رائع وطقم جميل

تستحقى الشكر + اعلى تقييم خمس نجوم

وبالتوفيق لكـ اختى وفى انتظار كل جديدكـ

ودمتى بخير وود ومحبة وسلام ورعاية الرحمن



لا اله الا الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

ماشاء الله تبارك الله ..

أرفع القبعة وليس لدي الكثير لقوله.

فقصتك السابقة كانت احدى القصص التي لن أنساها وهي قصة الشهيد ... وهذه قصة أخرى أيضاً لن أنساها.

من أروع القصص القصيرة التي قرأتها سواء بالنت أو الكتب.

شكراً وبارك الله فيك ونسأل الله أن يعجل بالفرج لسوريا ولكل المسلمين في كل بقاع الأرض.